آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-12:43ص

محليات


صحيفة لندنية تسلط الضوء على واقع جوع على جوع في رمضان باليمن

صحيفة لندنية تسلط الضوء على واقع جوع على جوع في رمضان باليمن

الإثنين - 12 يونيو 2017 - 02:37 ص بتوقيت عدن

- مراقبون برس- الحياة اللندنية:

«لم يعد هناك من يتصل بك ليدعوك على الإفطار» يقول فؤاد (25 سنة)، مشيراً إلى عادة رمضانية تتمثل بدعوة كثير من العائلات معارفها وجيرانها من العزاب لمشاركتها الإفطار. وهي عادة بدأت تختفي هذا العام بسبب انتشار المجاعة.
ليست العائلات وحدها من يعاني للحصول على الطعام، بل حتى جمعيات خيرية ومنظمات إغاثية تواجه أيضاً عجزاً في تقديم العون للفقراء والمعتمدين على معوناتها، خصوصاً مع ارتفاع أعداد الفقراء إلى 17 مليون شخص من إجمالي عدد السكان البالغ 26 مليوناً. علماً أن 25 في المئة من هؤلاء لا يستطيعون الحصول على الغذاء بحسب بيانات الأمم المتحدة.
وأطلق شبان يمنيون من الجنسين مبادرات تهدف إلى مساعدة الفئات الأشد فقراً، في وقت علقت عشرات الجمعيات الخيرية نشاطها بسبب استهدافها من قبل ميليشيات الحوثيين وصالح، فيما تبدو جهود المنظمات الإغاثية الدولية محدودة وغير قادرة على تغطية كافة الحاجات.
ووزع يسلم بلحاج (33 سنة) ورفاقه في مبادرة «سفراء الخير» 20 أسطوانة غاز منزلي لعشرين أسرة فقيرة في صنعاء منذ مطلع رمضان الجاري. وقال بلحاج لـ «الحياة، إنهم بصدد إنارة منازل عشر عائلات فقيرة في مدينتي الحديدة وعدن بواسطة الطاقة الشمسية». وكان «سفراء الخير» أنجزوا العام الماضي 40 موضعاً لحفظ بقايا الطعام النظيف في حارات صنعاء وحضرموت ليستفيد منها من هو بحاجة.
وفي بلدة بيت الفقيه في محافظة الحديدة الساحلية يوزع غالب مقبول (34 سنة) مع مجموعة من المتطوعين قوالب ثلج للأسر الفقيرة في 4 حارات من البلدة التي ترتفع فيها الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية.
وروى مقـــبول في حـديث مع «الحياة» عبر الهاتف، الصعوبات التي يواجهها الفقراء، خصوصاً صغار السن، مشيراً إلى الجهود المتواضعة التي يبذلها مع رفاقه المتطوعين ومنها مشروع إفطار الطالب الذي نفذ في 10 مدارس. وامتد المشروع على فترة 6 أشهر واستهدف خمسمئة تلميذ من الفقراء وذوي الحاجات الخاصة بمعدل شطيرتين من الجبن والبيض لكل تلميذ في اليوم.
وتعد الحديدة وتعز من أكثر المحافظات جوعاً ومعاناة. فعلاوة على الجوع المتفشي فيها تفرض الميليشيات الانقلابية على المدينة حصاراً مستمراً منذ أكثر من 14 شهراً مع قصف للأحياء السكنية، وهي تصنف ضمن المدن اليمنية الأكثر تضرراً من حيث حجم الدمار وعدد الضحايا.
وتوفر ثورة الاتصالات والإنترنت فرصاً إضافية للعمل الخيري والتواصل مع المتبرعين وأصحاب الحاجات. وتستعد مبادرة «كرماء» الشبابية لإطلاق موقع إلكتروني على شبكة الإنترنت وإصدار تطبيق خاص بالهواتف الذكية بنظام أندرويد.
وقال هاشم نضال (34 سنة) لـ «الحياة»، إن تطبيق «كرماء» سيتيح للأسر الفقيرة تحديد حاجاتها وأماكن وجودها الجغرافي، بينما يمكن المتبرعين في المقابل من التحقق من توزيع تبرعاتهم وهوية المستفيدين منها.
وعلاوة على انهيار الاقتصاد الضعيف أصلاً وانتشار الأوبئة، تسببت الحرب الأهلية التي أشعلها الانقلاب المسلح للحوثيين والقوات العسكرية الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، في نزوح نحو 3 مليون شخص ومقتل وإصابة عشرات الآلاف معظمهم من المدنيين.
وأعلن «التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان» وهو منظمة غير حكومية، في تقرير أصدره الأسبوع الماضي أنه وثق 715 حالة قتل و897 إصابة شهدها اليمن خلال الشهور الخمسة الماضية.
وبحسب التقرير الذي تلقت «الحياة «نسخة منه، تصدرت ميليشيات الحوثيين وصالح قائمة المنتهكين لحقوق الإنسان بـ440 حالة قتل و772 إصابة، بينهم نساء وأطفال.
هكذا حل شهر رمضان هذا العام كارثياً، ليس فقط على الفقراء والعاطلين من العمل أمثال فؤاد، بل وعلى الموظفين الحكوميين أيضاً، خصوصاً من هم في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الانقلابية، ويشكلون نحو 80 من إجمالي الموظفين الرسميين البالغ عددهم اكثر من مليون موظف.
وتقول الحكومة اليمنية التي تتخذ من مدينة عدن عاصمة موقتة لها، إن توقفها عن صرف رواتب الموظفين في المحافظات الشمالية منذ 8 شهور سببه امتناع الميليشيات الانقلابية التي تسيطر على صنعاء ومعظم مناطق الشمال عن توريد الضرائب والجمارك إلى البنك المركزي في عدن فيدفع المواطنون الثمن مرتين.
وسجلت حالات انتحار بين الجنسين بسبب الجوع والأوضاع المزرية. وتداولت وسائل إعلام يمنية وناشطون قصة انتحار سيدة وطفلتيها بالسم بعدما انسدت أمامهم سبل الحصول على الغذاء، وهي الحادثة الثانية خلال أقل من شهرين.
وتوصف حرب اليمن بالحرب المنسية، خصوصاً في جانبها الإنساني. وفي تقرير قدمه أخيراً إلى مجلس الأمن أبدى المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، تشاؤمه من إمكان حدوث انفراج في الوضع اليمني على المدى القريب، خصوصاً لجهة تعافي الاقتصاد وتحسن الوضع الإنساني، مشيراً إلى أنه اقترح خطة لإدارة ميناء الحديدة وتسليم المرتبات، إلا أن الحوثيين رفضوا حتى مناقشتها.