آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-01:20ص

من يتوقع حربًا كُبرى؟

الثلاثاء - 16 أبريل 2024 - الساعة 12:10 ص

وحيد عبد المجيد
بقلم: وحيد عبد المجيد
- ارشيف الكاتب


لا يعنى وجود سُحُب توتر كثيفة فى سماء العالم أنها ستُمطرُ بالضرورة حربًا كبرى. قد يكون هذا مؤشرًا إلى أن حربًا عالمية صارت قريبة, او لا يكون. والمُستفاد من تاريخ الحربين العالميتين فى القرن الماضى أن توقع نشوب هذا النوع من الحروب بالغ الصعوبة. لم يتوقع أحدُ نشوب الحرب الأولى. وهل كان ممكنًا التنبؤ بأن طالبًا صربيًا سيغتال ولى عهد النمسا وزوجته أثناء زيارتهما بلده فى 28 يونيو 1914، ويتوقع فى الوقت نفسه أن ترد فيينا بإنهاء ما أسمته حينذاك «سياسة الصبر» مع سراييفو، فتبدأ عجلة الحرب فى الدوران؟. لم يكن أىُ من الصراعات التى اندلعت فى السنوات السابقة لتلك الحرب ينذر بتوسعه إلى حدٍ يؤدى إلى حربٍ عالمية. وكان أهمها الصراع الذى أدى إلى نشوب حربي البلقان الإقليميتين.

ولكن توقع الحرب العالمية الثانية كان أقل صعوبة، فقد حذر الرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت من أن الفوضى الدولية الناشبة حينها قد تقودُ إلي كارثة. ولكن تحذيره لم يُسمع جيداً فى عواصم الدول التى سعت إلى احتواء غضب ألمانيا المُتراكم، بالرغم من شدة اندفاع الحزب النازى وزعيمه هتلر الذى خلق حالة تعبئة متزايدة. لم تُطرح مبادرةُ جادة لاحتواء ذلك الغضب عبر مراجعة التسوية الظالمة التى فُرضت على ألمانيا عام 1919. وربما كان ممكنًا, إن حدث هذا, أن تتطور التفاعلات الدولية فى اتجاهٍ يُداوى جراح ألمانيا بدون قتال.

والدرسُ المُستفاد من تجربتى الحربين الأولى والثانية أن الجدل الراهن بشأن اندلاع حرب عالمية ثالثة لا يعنى بالضرورة أنها قريبة، بل ربما يكون توسع هذا الجدل مؤشرًا إلى حرصٍ على تفادى الوصول إلى وضعٍ يؤدى إليها. ولكن إن افترضنا وجود هذا الحرص فهو لا يُغلقُ الطريق باتجاه حرب كبرى إذا مضت التفاعلات الدولية بشأن حربى أوكرانيا وغزة فى اتجاهٍ واحد وتعذرت العودة منه. كما أن العالم تغير كثيرًا جدًا عما كان عند نشوب الحربين الأولى والثانية. وإذا كان فى استخلاص دروس منهما ما يفيد، فهو لا يكفى للقياس عليهما. فلكل حربٍ ظروفُها، ولكل زمنٍ خصائصُه.

* نقلا عن "الأهرام"